أقر الكنيست الإسرائيلي (١٢٠ عضوًا) بأغلبية ٦٤ منهم من ممثلي الأحزاب اليمينية والدينية المتطرفة بندا بتعديلات قضائية تحت مسمى قانون المعقولية لصالح السلطة التنفيذية (الحكومة) تقضي بالحد من صلاحيات المحكمة العليا بالرقابة على قرارات السلطة التنفيذية، وذلك على ما يبدو واضحا لتعزيز التغول من قبل الحكومة على القضاء، والافلات من سلطته الرقابية على قراراتها، حيث تسعى حكومة اليمين المتطرف إلى توسيع صلاحياتها في اتخاذ قرارات تعتقدها الحكومة مرفوضة من قبل المحكمة العليا التي من صلاحياتها الرقابة على سياسات الحكومة و?لوكيات الوزراء وكبار المسؤولين التنفيذيين وسياسات الاستيطان والتهويد، وسياسات الأحزاب الدينية وبناء الهيكل المزعوم. وتسعى الحكومة لصلاحيات أوسع في تعين قضاة المحكمة العليا والسلطة القضائية.
تعتقد الحكومة الحالية بأن معظم قراراتها فاقدة لمعيار العدالة ومخالفة للقوانين والتشريعات، وأن ذلك أكبر المعوقات أمام تنفيد سياساتها المتطرفة ومطالب الأحزاب الدينية في الائتلاف الحاكم بزعامة نتانياهو وذلك بالنقض من قبل المحكمة العليا.
هذه التعديلات جاءات بضغط كبير وغير مسبوق من قبل الأحزاب الصهيونبة اليمينية المتشددة في الائتلاف الأكثر تطرفا في تاريخ حكومات الدولة الصهيونية منذ قيامها عام ١٩٤٧.
التعديلات المقترحة والتي أقرت من قبل الكنيست ستخضع للاستئناف أمام المحكمة العليا، أعلى سلطة قضائية في إسرائيل بطلب من أحزاب المعارضة، بعد أن أقرها الكنيست، ومن صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية رفض هذه التعديلات.
تداعيات موضوع التعديلات القضائية هذه لا تقتصر على سلطة القضاء وصلاحيات أو اجراءات قضائية في إسرائيل، بل لها أبعاد سياسية وأمنية كبيرة داخلية وخارجية وتاثير كبير ومباشر على مستقبل ووجود الكيان المحتل.
أهم هذه التداعيات الانقسامات السياسية الحادة في المجتمع الإسرائيلي، والذي بات يحضر نفسه لصراعات تتعدى الاحتجاجات والمظاهرات السلمية التي اجتاحت إسرائيل خلال السنة الجارية ومنذ تشكيل الحكومة الاخيرة برئاسة نتانياهو بائتلافه اليميني المتطرف.
أخطر ما يهدد الأمن الداخلي الاسرائيلي هو رفض الاحتياط العسكري من طيارين وجيش وأجهزة أمنية الخدمة العسكرية في مؤسسات ألدولة او الالتحاق بالخدمة العسكرية، والذي ربما يتحول الى عصيان عسكري على نطاق واسع في المؤسسات العسكرية والامنية في اسرائيل، حيث تعتمد القوة الهجومية العسكرية في إسرائيل على الاحتياط العسكري فيها.
يضاف الى ذلك احتجاجات واضرابات واستقالات في السلطة القضائية والأجهزة الأمنية والعسكرية وفي مؤسسات الدولة الاخرى وخاصة النقابات العمالية والمهنية.
شدة الاحتجاجات وصلت لدرجة غير مسبوقة ليس بقيادة احزاب المعارضة السياسية فحسب ولكن بمشاركة اعداد وقيادات كبيرة من اليمين المحافظ ايضا.
في ذات الوقت يهدد قادة الاحزاب المتطرفة بدعوة قواعدهم الانتخابية للنزول للشارع لمواجهة احتجاجات المعارضة، الامر الذي ينذر باندلاع مواجهات وصراعات داخلية مسلحة بين المعارضين و المؤيدين.
اما على الصعيد الخارجي فقد باتت حكومة إسرائيل عارية امام العالم وكشفت عن وجهها الصهيوني الدكتاتوري الحقيقي، الذي يخضع لسياسية المتطرفين الدينية المسندة الى مبادئ توراتية مزعومة والتوراة منها براء، تبيح كل انواع ووسائل البطش والعدوانية واستباحت حقوق الاخرين حتى حقوق اليهود الذين لا يتوافقون معهم ويخضعون لهم، والهدف الأكبر لهم الشعب الفلسطيني ومقدسات المسلمين في القدس وفلسطين.
الولايات المتحده أكبر داعم وحليف لاسرائيلي باتت تخشى على مستقبل وجود الدولة العبرية وتحولها الى نظام دكتاتوري لصالح المتطرفين الصهيانه.
فهل سنشهد في المستقبل انهيارات في منظومة الدولة العبرية على أيدي القادة السياسيين من اليمين المتطرف فيها الذين يسيطرون على الحكومات ويسيرون نحو حرب أهلية فيها؟.
[email protected]